جمهور السينما حير النقاد..فقد تنبأ الجميع أن ينصرف هذا الموسم عن مشاهدة فيلم محمد سعد الجديد "بوشكاش"، وخاصة بعد الهجوم الشديد على محمد سعد أثناء وحتى قبل التصوير، بسبب ما قيل عن تدخله السافر في عمل المخرج والفنيين ، وهو ما أدى إلى انسحاب المخرج عمرو عرفة والنجم المخضرم يوسف شعبان واللبنانية نور من الفيلم..وإسناد الفيلم لمخرج آخر والاستعانة بالممثلة زينة بدلا من نور.
وانتظر النقاد الكارهون لصعود محمد سعد المفاجئ وتربعه على عرش إيرادات السينما منذ فيلم "اللمبي" ، رغم الهجوم الشديد على أفلامه..انتظروا سقوط "سعد"، بعد أن سبق وبشروا بهذا السقوط بعد انخفاض إيرادات فيلم "كركر" بشكل نسبي ..ولكن ما حدث كان مفاجأة ، حيث حقق "بوشكاش" في أسبوع عرضه الأول، ستة ونصف ملايين جنيه ، منافسا بقوة لفيلم أحمد حلمي"نأسف للانزعاج".
و غريب جدا أمر جمهور السينما.. يخاصم التجارب الجميلة وينصرف عنها، ويساند القبح والسذاجة والسطحية.. يدفع 6.5 مليون جنيه في الأسبوع الأول لعرض فيلم "بوشكاش" لمحمد سعد، رغم أنه فيلم ضعيف جداً على مستوى الفكرة والحبكة الدرامية والأداء التمثيلي، ولا يقدم فيه سعد جديداً، بل يعزف على نفس الوتر القديم الذي نجح به في كل أفلامه، ويكرر حركاته البذيئة السمجة، بعد أن تخلص إلى حد بعيد من عادته القديمة في الخروج على التقاليد والآداب الذي تعودناه في أفلامه.. لكن سعد بالتأكيد معذور، ومن حقه أن يقلق ويخشى التغيير وتقديم الجديد والخروج من أسر شخصية "اللمبى" التي صنعت له كل هذه الشهرة، مادام الجمهور عايز كده، ومادام يدخل أفلامه واحداً بعد آخر، وهو يعرف أنه لن يشاهد جديداً.. فقط سيشاهد «اللمبى» في مواقف وشخصيات مختلفة.
والأغرب أن هذا الجمهور نفسه هو الذي ساعد الممثل والكوميديان الذكي أحمد حلمي في إنجاح مغامرته الفنية "آسف على الإزعاج" رغم أن الفيلم لا ينتمي إلى النوعية الكوميدية التي نجح بها حلمي، وكان يمكن أن يظل أسيراً لها، كما حدث مع زميله محمد سعد، لولا جرأته الفنية، واحترامه لإمكانياته كممثل موهوب وقادر على تقديم نماذج وأفكار مختلفة، محصناً في نفس الوقت بكاريزما جماهيرية عالية، تجعل الناس تتقبل منه أي شخصية يقدمها على الشاشة، وأي نوعية من السينما، مادام سيكون هو فى النهاية بطل العمل.. وهى ثقة كبيرة حظى بها حلمي في سنوات قليلة جداً، ولكنه يستحقها بالتأكيد لأنه فنان يعرف ماذا يريد ويحسب لخطواته جيداً.
بعكس زميله سعد الذي يبدو دائماً غير واثق في نفسه، أو في استمرار نجاحه، ولذلك يحاول دائماً اللعب على المضمون، وهو هنا من وجهة نظره نفس الشخصيات وطريقة الأداء الحركي والصوتي التي تميزه، رغم اتفاق الجميع على اتساع مساحة موهبته، وامتلاكه إمكانيات تمثيلية وتشخيصية غير محدودة، لكنه يهدرها بهذا الاستسهال.
ومما يزيد من حيرة النقاد والمتابعين للسينما في مصر من مواقف الجمهور، هو هذا الإقبال الشديد على أفلام لا تنتمي إلى الكوميديا، مثل أفلام خالد يوسف وفيلم "كباريه" لأحمد عبدالله وسامح عبدالعزيز، وانصرافه عن أفلام كوميدية ، لنجوم كانوا إلى وقت قريب جدا علامة مميزة للنجاح..يا جمهور عايز إيه..بصراحة حيرتنا!