كتب شاب يقول: اعتدت على السينما ومشاهدة الأفلام المضلّة، والآن وقد رأيت أضرارها بعيني وسمعت حديث المربين الأخلاقيين والاجتماعيين حولها، أريد تركها، ولكن كلما حاولت في ذلك لم أفلح!إن بعض الشباب يصبحون أسرى بعض العادات الذميمة المؤذية على أثر عدم الاطلاع على أضرارها وعلى أثر (حرمانهم الجنسي) ثم بعد إدراك عواقبها الوخيمة يسعون لتركها فلا يجدون سبيلاً إلى ذلك إلا القليل منهم.
إن هذه الأمور تعلمنا كيف يجب أن نعطي للوقاية من بروز العادات القبيحة أهمية كبيرة.
باعتقادنا أن الشباب إذا أدركوا نقطة أساسية مهمة بل إنهم إذا (آمنوا بها إيماناً راسخاً) فسيقل ابتلاؤهم بهذه العادات الخبيثة، وهذه النقطة هي: (أن الوقاية من بروز عادة خبيثة أسهل كثيراً من تركها).
مثل العادة الفاسدة في تهديدها لسعادة الإنسان كمثل غدة المواد القيحيّة التي تظهر في جسم الإنسان فتهدد سلامته، نعم، إن هذه الغدة القيحية (غدة نفسية) تسمى (بالعادة المذمومة) تهدد سلامتنا النفسية.
ومع اطلاعاتنا الطبية القليلة، فإننا نعلم بأن الوقاية من ظهور بعض الغدد المرضية بواسطة الدواء أو الغذاء أسهل بكثير من قلعها بواسطة العمليات الجراحية.
الشباب الذين يسلمون أنفسهم للعادات المضرّة لا يدرون بأنهم يقيدون أنفسهم بقيود لا يمكنهم النجاة منها بسهولة، ونتيجة لجهلهم يتصورونها موضوعاً بسيطاً.
النقطة المهمة الأخرى التي يجب الالتفات إليها هنا هي عدم احتياج العادة المذمومة ـ مهما كانت ـ إلى مقدمات كثيرة لبروزها بل يكفي لنشوئها أن يكرر العمل المذموم عدة مرات.
من هنا تتضح لنا أهمية الحكم الإسلامي وهو: أن تكرار الذنوب الصغيرة يعادل الذنوب الكبيرة!
على هذا الأساس فالشباب الذين يتوخّون سعادتهم وينشدون رفاههم يجب أن يكونوا أذكياء وأن لا يوقعوا أنفسهم بأيديهم في شراك العادات الرذيلة، ولو صدر منهم عمل سيئ يجب أن يمتنعوا عن تكراره لأن تكراره مقدمة لنشوء العادة.
كيفية مكافحة العادات السيئة بعد ظهورها |
أما إذا وقع العمل الذي يجب أن لا يقع، وبرزت ـ عندنا ـ عادة، غير صحيحة، إما على مادة مخدرة أو على السجاير أو على انحراف جنسي أو على أمثال ذلك، فيجب أن لا نتقاعس ونستسلم، فكما أننا لا نتقاعس عندما نصاب بمرض نتيجة عدم مراعاة الأصول الصحيحة فكذلك هنا يجب أن لا نتقاعس أيضاً.
7صحيح أن الأمر ربما وصل أو يصل إلى مرحلة مشكلة صعبة، ولكن أيّ مشكلة لا تُحلّ بالسعي والتصميم والهمة والمثابرة؟
يجب أن نكافحها قبل فوات الأوان، مع العلم أن (الشرط) الأساسي في هذه المكافحة هو (التصميم والإرادة)، نعم التصميم والإرادة!
أوصيكم أيها الشباب الأعزاء بأن لا تصمموا فوراً وبدون تفكير عندما تريدون ترك عادة مضرة لأن التصميم الفوري لا يدوم طويلاً ومثله كمثل الخيمة الصغيرة التي لا تثبت أمام الريح الخفيفة.
ولأجل اتخاذ تصميم ثابت في مسألة معينة، فكروا في المسألة كثيراً طالعوا جميع جوانبها، انظروا إلى معايبها ودققوا في نتائجها السيئة إذا كانت عادة قبيحة، ثم بعد التدقيق الكافي في كل جوانبها، صمموا تصميماً راسخاً لا يقبل الفشل، وحينئذ ستوفقون حتماً، لأن مثل هذا التصميم يشبه السد الحديدي الذي ينشأ على أساس متين ودراسة ومطالعة.
عند مطالعتكم الدقيقة للكتب التي كتبت حول هذا الموضوع ستعرفون، حتما، الخطر العظيم الذي ينشأ من التدخين الذي كنتم ـ لحد الآن ـ تتصورونه موضوعاً بسيطاً.
وبمطالعة الإحصائيات المنتشرة ستعرفون أن الدخان أخطر عدو لسلامة وسعادة الإنسان وخاصة الشباب.
إن هذا العدو اللدود يهجم على مراكز قدرتكم ويقصف قواعد بدنكم الدفاعية، ويفتح أبواب المرض الجسمي والروحي فيكم، إنه مضر أكثر مما تتصورون.
• بعد النظر في هذه الحقائق:
إذا لم تكونوا معتادين عليه فصمموا على أن تبعدوا أنفسكم عنه في المستقبل ـ وهذا سهل ـ وإن كنتم معتادين فصمموا على تركه. ولأجل أن تكونوا موفقين في هذا العمل، يجب أن تهيئوا أنفسكم بمراعاتكم للنقاط التالية بدقة:
1ـ لا تجعلوا أعمال الآخرين ملاكاً لأعمالكم، لا تقولوا: إذا كان هذا العمل سيئاً، فلماذا يعمله الآخرون مع أنهم أكبر منا؟
أنتم ذوو شخصية، ويجب أن تكونوا مستقلين في تفكيركم، الآخرون يقومون بكثير من الأعمال غير الصحيحة.
عند معرفة أخطار هذا العمل بسبب مطالعة هذه البحوث العلمية المنطقية، يجب أن تصمموا وتعينوا مستقبلكم.
2ـ فكروا! بالإضافة إلى الأضرار الروحية والجسمية التي تلحق الإنسان من التدخين، فإنه يتلف ما يعادل 45 مليون ديناراً سنوياً في مملكتنا فقط فهي تصير دخاناً وتذهب في الهواء هل أن هذا العمل عقلائي؟
بهذا المبلغ الضخم يمكن إنجاز أعمال مهمة: إنشاء مستشفيات، مدارس، مستوصفات، طرق معبدة وغيرها في كثير من المدن.
لو فرضنا أن التدخين غير متداول أو شائع بين الناس وصممت الحكومة وكذا الشعب أن يتلفا في كل سنة مبلغاً يعادل 45 مليون ديناراً، فبماذا تحكمون في هذا الحال؟
أليس من الأفضل أن تصرف هذه الثروة الضخمة في عمران هذا الإقليم النامي.
3ـ وبالشكل الذي أشير إليه سابقاً، يجب أن تصمموا بسرعة، انظروا بدقة إلى أضرار التدخين ثم فكروا واسألوا أنفسكم ما هي الفوائد العائدة منه عليكم في مقابل الأضرار الناتجة عنه؟
وبعد أن تعرفوا أن ليس هناك فائدة تعود عليكم منه بحيث يمكن أن تعوض الخسارة المفقودة، عند ذلك صمموا تصميماً قاطعاً جدياً غير قابل للفشل، وادخلوا الميدان بشجاعة. عندما تصمموا، لا تدعوا للشك والترديد طريقاً لأنفسكم وكونوا مطمئنين، بأنكم ستكونون موفقين في هذا العمل، لا تفكروا في الفشل، لماذا نفشل ولأي سبب؟
لاحظوا..... إذا كان اعتيادكم شديداً فليس من اللازم تركه مرة واحدة، تستطيعون أن تتركوه تدريجياً، ولكن لا بضعف وخمول بل بصورة منظمة وصحيحة!
4ـ عندما تصمموا لا تفكروا أبداً بفشل تصميمكم، وكونوا على علم بأن الاضطرابات النفسية الحاصلة للأفراد بعد ترك عاداتهم مرتبطة بتفكيرهم باحتمال فشل تصميمهم يوماً ما، لأنهم إذا كانوا يعلمون بأن لا رجعة لعادتهم يصبحون في أمان من هذه الاضطرابات، إن هذا الموضوع موضوع مهم جداً.
ولهذا السبب نرى كثيراً من الأشخاص يتألمون كثيراً عندما يتأخر موعد تدخينهم للسيجارة ولو ساعة واحدة، ولكنهم يمتنعون عنه في شهر رمضان لمدة خمس عشر ساعة أو أكثر يومياً ومع هذا لا يصيبهم أي تعب أو إرهاق من جرّائه، وذلك بسبب اعتقادهم الديني وتصميمهم على الصيام، هذا باعترافهم أنفسهم!
هذا قسم من الآثار المعجزة للتصاميم القاطعة القوية التي لا تقبل الفشل، ولو فرضنا أنه أصابكم قليل من الإرهاق الجسمي فيجب أن لا يؤثر على تصميمكم نهائياً، بل يجب أن تقاوموا، وتقطعوا هذا الدور القصير بعزم راسخ وإرادة قوية. ثمّنوا تصميمكم واعلموا بأن ميزان شخصيتكم بمقدرة قوة تصميمكم.
5ـ كونوا على علم بأنكم شباب، وكل أعمالكم ـ حتى تصميمكم وإرادتكم ـ شابة وقوية، اليوم تستطيعون حل هذا المشكل بصورة أفضل، أمّا غداً فسيكون حلّه أصعب. تستطيعون استعمال الدساتير المارة الذكر لغرض ترك العادات الذميمة، الجنسية منها والأخلاقية وأمثالهما حيث أن تأثيرها حسن جداً.